البقرة والسطل والمسؤول
ان هذه القصة تجسد واقعاً بئيساً تعيشه كل الشعوب العربية للأسف. ورغم تشدقنا المتكرر بالتطور والنماء، فإن دار لقمان ما زالت على حالها.
يُقال والعهدة على الراوي، إن قرية صغيرة فيها بقرة وحيدة، وكانت القرية تعيش على حليبها الذي يشكل مصدراً مهماً لغذاء الناس.
وفي يوم من الايام كانت البقرة تشرب من سطل ماء، ولم تستطع إخراج رأسها من السطل، وسمع أهل القرية خوار البقرة فأتوا مهرولين لمعرفة ما تعاني منه, فوجدوها تضرب رأسها يميناً ويساراً للتخلص من السطل، وقد حاولوا أن يخرجوا رأس البقرة من السطل من دون إلحاق الأذى بها, والحفاظ على سطل الماء لكي لا ينكسر, ولكن من دون جدوى. فقال أحدهم:
لماذا لا نلجأ إلى حكيم القرية ليحل المشكلة، لأنهم افترضوا فيه الحكمة والقدرة على حل هذا المشكل الخطر. جاء حكيم القرية وتأمل الوضع، وبعد تفكير عميق قال لهم اقطعوا رأس البقرة، فقطعوه. فقالوا:
يا حكيمنا ما زال رأس البقرة في السطل.. ماذا نفعل؟ فقال لهم:
أكسروا السطل .. فكسروه. ثم ذهب حكيم القرية بعيداً وجلس حزيناً مكتئباً! فجاءه أهل القرية يواسونه, وقالوا له:
يا حكيم لا تحزن، فداك البقرة، وفداك سطل الماء. رفع حكيم القرية رأسه ونظر إليهم وقال:
لست حزيناً لا على البقرة ولا على السطل، ولكني حزين عليكم لأنني لا أعلم ماذا ستفعلون لو لم أكن معكم.
اقرأ ايضاً: بالصور أطعمة للكبار من حليب الأمهات المرضعات
اقرأ ايضاً: بالصور أطعمة للكبار من حليب الأمهات المرضعات
تعكس هذه القصة وضع العديد من المسؤولين الحكوميين، والنواب، والنخب السياسية والمثقفة التي تفترض أن الحياة لا يمكن أن تسير من دونهم, وهم في واقع الحال لا يجلبون سوى الكارثة تلو الأخرى لبلدانهم وشعوبهم تماماً مثل حكيم القرية سالف الذكر!
القصة بقلم الدكتور: علي الزعبي